ü
ما
هي الدونمة ؟
الدونمة
صفة مشتقة من المصدر التركي DONMEC ويعني العودة أو الرجوع أو الارتداد
أي العائد الذي أسلم بعد أن كان يهوديا وتعني اصطلاحا المسلم ظاهرا، واليهودي فعلا
وباطنا وفي مصادر أخرى تعني الدونمة المبدل لدينه.
أسست على يد رجل اسمه " شبتاي أو سبتاي زيفي ".
ü من هو شبتاي زيفي :
ولد
شبتاي في مدينة أزمير في تركيا في عام 1626 م من أبوين يهوديين الأصل مهاجرين من
اسبانيا على إثر الاضطهاد الديني الذي عم اليهود آنذاك وخضعوا لمحاكم التفتيش التي
أنشأتها الكنيسة الكاثوليكية.
كان
والده تاجرا ميسورا يدعى موردخاي زيفي له ثلاثة أبناء
وقد امتهن ولديه مهنة التجارة فعملوا بها إلا أن شبتاي لم يرغب في الاشتغال
بالتجارة وتوجه منذ صغره إلى الدراسة وخاصة دراسة الكتب الدينية اليهودية وبدأ
يتردد على مجالس دروس الحاخام "اسحاق دلبا" وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من
عمره فعمل في مجال التدريس وأصبح حاخام ونال رتبة الأستاذية.
عاش شبتاي صباه في عزلة وتأمل وكان يقوم بطقوس خاصة ليس لها علاقة بالتقاليد الدينية اليهودية وكان يقوم بتحريف الكتب المقدسة ويواصل الصوم ويكثر من الاستحمام والتطهر حتى يضفي على نفسه قدسية خاصة وكانت تنتابه حالات غياب عن الوعي وكان معتل الصحة والمزاج, وصف على لسان المؤرخين بأنه كان ذكيا, مثقفا و وسيما.
عاش شبتاي صباه في عزلة وتأمل وكان يقوم بطقوس خاصة ليس لها علاقة بالتقاليد الدينية اليهودية وكان يقوم بتحريف الكتب المقدسة ويواصل الصوم ويكثر من الاستحمام والتطهر حتى يضفي على نفسه قدسية خاصة وكانت تنتابه حالات غياب عن الوعي وكان معتل الصحة والمزاج, وصف على لسان المؤرخين بأنه كان ذكيا, مثقفا و وسيما.
سمي
شبتاي بهذا الاسم لأنه كان معروفا عند اليهود آنذاك أنه إذا ولد الصبي يوم السبت
يسمونه غالبا شبتاي .
ü
اعلانه أنه
المسيح المخلص:
تزوج
شبتاي وهو لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره بامرأة لم يقربها قط استعدادا
لإعلانه أنه المسيح المنتظر, ثم طلقها بعد شهور ليتزوج للمرة الثانية ولم يمسها
كذلك وطلقها بعد مدة قليلة من الزواج, كان اصدقائه والمقربين منه يفسرون تصرفه على
انه نوع من الطهارة والتبتل أما هو فكان يقول أن الروح القدس أوحى له ان زواجه من
المرأة المناسبة لم يحن بعد. كما أن المحنة التي عايشها اليهود في القرن ال سابع
عشر في كل أنحاء أوربا رسخت في نفوسهم فكرة ضهور مسيحهم المخلص لينقدهم من البؤس
والعذاب الذي يعيشونه, وقبل ان يعلن شبتاي انه المسيح كان رائجا في أذهان الكهنة
ان المسيح سيظهر سنة 1648 م
بالتحديد فانتقلت الفكرة الى شبتاي وكانت الأرضية مهيئة له، فبدأ يروج أن الروح
القدس أوحى إليه انه المسيح المخلص، وقد ساهم في تأكيد ادعائه هذا إلمامه الكبير
بالأمور الدينية والممارسات الروحية واتقانه فن تحضير الأرواح مما ساعده في
الاستحواذ والسيطرة على عقول البسطاء والسدج، وكان يمارس عليهم تأثيرات نفسية اذ
كان يذهب بهم الى المقابر ويؤكدون انهم يسمعون عبارة " شبتاي زيفي هو
المسيح".
بعد هذا بدأ شبتاي
بلفت أنضار الحاخامات ورجال الدين إليه بطقوسه و تصرفاته الغريبة فقد كان يحدث
طلابه عن المسيح المخلص وعن موعد ضهوره وأنه سيقوم بأمور عظيمة في المستقبل، وفي
أحد الأيام كان يقرأ مقاطع من التوراة فنطق باسم "ياهوه" مع أن اليهود لا
يجيزون نطقه تعظيما له وينطقون بدله "أدوناي" أي الرب أو السيد، وتكرر فعل شبتاي، فوقف في وجهه
رئيس الحاخاميين في أزمير "جوزيف اسكابا" الى جانب بعض رجال الدين فطلبوا
منه المثول أمامهم الا انه رفض وسخر منهم، فتدارسوا امره بينهم وقرروا قتله
واعدامه الا ان القانون في ذلك الوقت لم يكن يسمح لهم فقرروا طرده من أزمير، فأثنى
عليهم شبتاي بإعلان جاء فيه:
سافر
بعد ذلك الى استانبول تم اثينا فعاد الى أزمير لكنه شد الرحال هذه المرة الى القدس
عام 1963 م ثم الى القاهرة لاكن لم يستطع ان يبوح بدعواه المزعومة خوفا على حياته
في المدينتين السابقتين الا انه بمروره ب غزة التقى برجل يدعى "ابراهام
نطحان" فاعترف له بسره فصدقه "ابراهام" وتحمل مسؤولية التبشير له
في الوسط والاوساط المجاورة.
في
ضل انتشار اشاعة ظهور المسيح المخلص سمعت امرأة بولونية تدعى "سارة" عرف
عنها شدة ذكائها فأرادت ان تكتسب شهرة عندما علمت بما يزعم شبتاي القيام به
فاختلقت رؤيا نشرتها بين اليهود تقول فيها أنها رأت نورا سيسطع سنة 1666 م , وأنها ستتزوج المسيح
المخلص، سرعان ما وصل الخبر الى شبتاي فادعى هو بدوره رؤيا اخرى بأنه اوحي اليه بالزواج
من سارة وكان لاسم سارة رنين خاص في احاسيس الشعب الاسرائيلي وفي اعماق وجدانه
الديني، فأرسل في طلب سارة وكان زواجهما في القاهرة وانطلت الحيلة على العديد منم
اليهود السدج والبسطاء.
ü اليوم الموعود:
في
يوم 31 مايو 1665 م وفي مدينة غزة أعلن وبشكل رسمي انه المسيح المخلص وذلك بمساعدة
صديق له يدعى "ناثان
هاليفي"، وقد اعد طريقة ماكرة لذلك حيث أنه حين كان ناثان ينشد الأناشيد
مع الطلاب أغشي عليه ولم يكن شبتاي موجودا ثم اخد يطلب من الحاضرين التوبة واخد
يردد عبارة :"اسمع يا ناثان الى محبوبي، واعمل كما يقول لك، اسمع الى حبيبي
شبتاي زيفي" وكررها ثلاث مرات، لم يفهم الحاضرون المعنى
من هذا فقال لهم ناثان أن شبتاي هو ملك اسرائيل والمخلص لهم وكان هذا هو الاعلان
الرسمي للنبوة ولهذا يعتبر 31 من مايو من الاعياد المهمة عند الدونمة.
ü موقف الدولة العثمانية من الادعاء
الكاذب:
عندما انتشر خبر شبتاي لاقى معارضة كبيرة من قبل اليود والمسلمين على حد
سواء فأخرج من المدينة، فأعلن رجوعه الى تركيا، وتم استقباله هناك استقبال الملوك
والأمراء، ولم تكن الدولة العثمانية تهتم بما يجري وذلك نضرا للتسامح الديني وحرية
المعتقد وممارسة الشعائر الدينية من جهة
ومن جهة اخرا انشغالها بحرب جزيرة "كريت"، وكان السلطان آنذاك
"محمد الرابع" ورئيس الوزراء "الصدر الأعظم" فاضل أحمد
باشا".
في ضل كل هذه الاحداث رأى بعض أركان الدولة أن امر شبتاي لم يقتصر على
اليهود فقط انما طال مجموعة كبيرة من الديانات وبدأ ادعائه ينتشر ويكبر شيئا فشيئا
الامر الذي يشكل خطورة على الوضع الداخلي للدولة، فعرض قاضي "أزمير" على
رئيس الوزراء ضرورة اعتقال شبتاي للحد من نشاطه، فكان ذلك واعتقل واقتيد الى
العاصمة، ثم نقل الى سجن "شنق قلعة"،
ü دخول شبتاي في الاسلام وانكاره النبوة:
أمر السلطان العثماني محمد الرابع
ان يأتوه بسبتاي ليتبين صحة ادعاءه فتم اقتياده الى قصر السلطان في
"ادرنة" ومعه بعض المؤيدين له
وفي الطريق اخبرهم ان الخوف يعتريه من مقابلة السلطان فعجبوا من تغير وضع
شبتاي الذي كان يتحدث بالأمس عن سقوط
الدولة العثمانية، وعندما وصلوا ادخل الى غرفة بها السلطان وحاشيته، ومن بينهم
مفتي الدولة وطبيب السلطان الخاص "جدعون" الذي كان يهوديا واسلم والذي
سيترجم الكلام لشبتاي فيما بعد، فقيل له:
" تدعي أنك المسيح، فأرنا معجزاتك، سنجردك من ملابسك ونجعلك عرضة
لرماة السهام المهرة فإن لم تصبك فأنت محق وإن أصابتك فأنت دجال".
فلما ادرك خطورة الموقف أنكر كل شيء وأن المتقولين رسموا صورته وزيفوا
أقواله وأنه مجرد حاخام يهودي فقير مثله مثل جميع اليهود، لاكن نكرانه هذا لم يشفع
له عند السلطان ولم يصدقه، وأنه يجب يعاقب لأفعاله، وبدل ذلك عرض على شبتاي
الاسلام فوافق على ذلك وقال انه يتشرف بالدخول في الاسلام وانه منذ مدة وهو يفكر
في الامر فأظهر اسلامه امام الحاضرين فقبله السلطان فأدخل الحمام وأبدلت ثيابه
وأعطي اسما اسلاميا "محمد عزيز أفندي"، وأعطي لقبا شريفا "قبجي
باشا" أي حارس ابواب القصر كما خصص له راتب شهري وأستاذ يعلمه اللغة العربية
واصول الشريعة الاسلامية، وأعلنت زوجته سارة اسلامها كذلك وكان ذلك في نهاية العام
1666 م.
انتشر خبر دخول شبتاي للإسلام سريعا فكانت صدمة قوية واضحوكة للمؤيدين له
ولأتباعه فهناك من كفر به وهناك من تريث ليستطلع حقيقة الامر أما الحاخاميون
اليهود المعارضين له فقد فرحوا لتخلصهم منه ومن ادعائه.
غير أن شبتاي لم يتب حقا، بل ارسل الى أتباعه تعميما يقول فيه :
" لقد جعلني الله مسلما، أنا أخوكم محمد البواب، هكذا أمرني فامتثلت،
لقد ذكرت الكتب اليهودية المقدسة أن المسيح سيتبع من قبل المسلمين".
واعلمهم انه سيستمر في تبليغ رسالته بتكيفه مع الوضع الجديد، فطلب من مفتي
المدينة أن يسمح له بدعوة اليهود للإسلام، فكانت هذه خطوته الاولى، فاستأنف دعوته
السابقة مستهدفا تأسيس مذهبه الجديد، المسلم في الظاهر واليهودي في الباطن، فجاءه
الاتباع من كل مكان فلبسوا الجبب والعمامة وذكر ان شبتاي كان يقوم بأمور غريبة حيث
كان يمسك القرآن بيد والتورات بأخرى.
ü انكشاف سره وموته:
وصل خبر نفاق و ازدواجية شبتاي الى السلطة العثمانية وأن اسلامه كان مزيفا
فأمرت بالقبض عليه وسجنه وحمكم بالإعدام لاكن لم يتم تنفيد الامر لسبب غير معروف
بدل ذلك تم نفيه الى ألبانيا مع بعض أتباعه وقضى هناك 5 سنوات تزوج خلالها من امرأة
يهودية من "سلونيك" اسمها "بوهيفيد" فأسماها عائشة وهذا بعد
وفاة زوجته "سارة".
توفي في شتنبر سنة 1675 م عن عمر يناهز 49 سنة ودفن على ضفة نهر هناك...
لم تكن هذه نهاية الدونمة، بل استمرت حتى بعد وفتة مؤسسها شبتاي، وهذا ما
سنتطرق اليه انشاء الله في الاسبوع المقبل..
~~ ... يتبع ... ~~
كتاب: يهود الدونمة للكاتب "محمد علي قطب".
كتاب: حقيقة يهود الدونمة في تركيا للدكتورة "هدى درويش".
كتاب: فرقة الدونمة بين اليهودية والاسلام للدكتور "جعفر هادي حسن".